حملة "الثلاثاء لا للإعدام".. صرخة من السجون الإيرانية في وجه آلة القمع
حملة "الثلاثاء لا للإعدام".. صرخة من السجون الإيرانية في وجه آلة القمع
تواصل السلطات الإيرانية تصعيد استخدام عقوبة الإعدام، في مشهد بات يختزل أحد أكثر أشكال القمع السياسي والاجتماعي حدةً في الجمهورية الإسلامية، وسط تحذيرات حقوقية دولية من تسارع وتيرة تنفيذ أحكام الإعدام بحق السجناء، لا سيما أولئك المحسوبين على المعارضة، أو المنتمين لأقليات عرقية ودينية.
وأفادت تقارير حقوقية بأن عدد الإعدامات المنفذة في إيران بلغ أكثر من 830 حالة خلال عام 2023، ما جعلها ثاني دولة في العالم بعد الصين في معدل تنفيذ أحكام الإعدام، ووفق منظمات مستقلة، فإن أغلب هذه الأحكام نُفذت على خلفية اتهامات مبهمة، أو محاكمات تفتقر لأبسط معايير العدالة، بحسب ما ذكر موقع "إيران إنترناشيونال"، اليوم الثلاثاء.
وفي أسبوعها الـ77 على التوالي، أعلنت حملة "الثلاثاء لا للإعدام" عن انضمام سجن يَزد المركزي إلى قائمة السجون المشاركة، ليرتفع العدد إلى 48 سجناً يشهد نزلاؤها احتجاجاً أسبوعياً سلمياً ضد الإعدامات، يتضمن إضراباً عن الطعام ورسائل احتجاجية من خلف القضبان.
آلة الإعدام تفتك بالأرواح
وأصدر عدد من السجناء السياسيين بيانًا جديدًا قالوا فيه: "لا تزال آلة الإعدام في سجون ولاية الفقيه تفتك بالأرواح، تحت غطاء قانوني هش، ودوافع سياسية بحتة".
وأوضح البيان أن 44 شخصًا، بينهم امرأة واحدة، أُعدموا منذ بداية يوليو الجاري، في مشهد وصفوه بـ"الرعب المنظم" و"القتل العلني للترهيب".
وأكد المشاركون في الحملة أن ثلاثة سجناء سياسيين من عرب الأهواز، تم نقلهم إلى زنزانات انفرادية في سجن الأهواز استعدادًا لتنفيذ حكم الإعدام بحقهم، دون إبلاغ عائلاتهم أو توفير تمثيل قانوني مناسب، في مؤشر على خطر اختفاء قسري محتمل، كما جاء في البيان.
محاكمات تثير الجدل
واستنكر البيان الصادر عن حملة "الثلاثاء لا للإعدام" ما وصفه بـ"المماطلة المتعمدة" في ملفات بعض المعتقلين السياسيين، مشيرًا إلى رفض إعادة محاكمة اثنين من السجناء المحكوم عليهم بالإعدام للمرة الرابعة، رغم ما يكتنف قضيتهما من "غموض قانوني جسيم"، ومنع محاميهما مرارًا من الاطلاع على ملفات القضية بدعوى "السرّية".
وفي أحدث تطور، حكم فرع من محكمة الثورة في الأهواز بإعدام ثلاثة سجناء سياسيين مرتين، في انتهاك واضح للإجراءات القضائية، وهو ما وصفه السجناء بـ"مجزرة قانونية تُدار من خلف الأبواب المغلقة".
وفي السياق ذاته، كررت ماي ساتو، المقرّرة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في إيران، تحذيراتها من "التصعيد المخيف" في الإعدامات، خصوصًا بحق السجناء السياسيين وأفراد الأقليات العرقية، داعية إلى وقف فوري لهذه الأحكام، وفتح تحقيقات أممية مستقلة حول ظروف المحاكمات.
وقالت ساتو في بيان سابق، إن "الإعدامات الجماعية العلنية ليست مجرد عقوبات، بل هي رسائل سياسية من نظام يواجه غضبًا داخليًا وأزمات متفاقمة".
وفي يوليو وحده، أُعدم شخصان علنًا في مدينتي مياندواب وبوكان، وفق تقارير نشرتها وسائل الإعلام الرسمية في إيران، ما دفع نشطاء لوصف هذه العمليات بـ"العروض الدموية في الساحات العامة".
حملة مقاومة شعبية
رغم القمع، يُظهر اتساع حملة "الثلاثاء لا للإعدام" إلى 48 سجنًا، حجم الوعي الشعبي المتنامي بخطورة الإعدامات، لا سيما في ظل عجز النظام عن احتواء الاحتجاجات إلا باستخدام القوة، وفق ما ورد في بيان الحملة.
ودعا السجناء والناشطون إلى تحويل مشاهد الإعدام العلني إلى ساحات مقاومة جماعية، مطالبين المواطنين بعدم ترك عائلات الضحايا وحدها، وبتكثيف الضغط الشعبي والإعلامي لكشف ما وصفوه بـ"الوجه الإجرامي لنظام لم يعد يملك إلا أدوات الرعب لإخماد الغضب".
لم تثنِ الضغوط الأمنية المتزايدة، أهالي المحكوم عليهم بالإعدام عن الاستمرار في وقفاتهم الأسبوعية خارج السجون، رغم المضايقات والتهديدات.
وتلعب النساء، خاصة أمهات المعتقلين، دورًا محوريًا في الحملة، حيث أصبحن رمزًا للصمود، يرفعن صور أبنائهن، ويطالبن بـ"العدالة بدل المشانق".
ومع استمرار الغموض حول مصير عشرات السجناء، يُجمع مراقبون وحقوقيون على أن حملة "الثلاثاء لا للإعدام" باتت تشكل أكبر تحدٍ جماهيري داخلي لعقوبة الإعدام في إيران منذ عقود، ما قد يدفع المجتمع الدولي لتكثيف الضغط على طهران.